كتب ـ وسيم عفيفي
زياد رحباني ، فنان لبناني اشتهر بموسيقاه الحديثة وتمثلياته السياسية الناقدة التي تضخم الواقع اللبناني الحزين بفكاهة عالية الدقة.
تميز أسلوب زياد الرحباني بالسخرية والعمق في معالجة الموضوع، كما أنه يعتبر طليعيا وشيوعياً وصاحب مدرسة في الموسيقى العربية والمسرح العربى المعاصر.
ولد زياد في 1 يناير 1956 ، أمه هي نهاد حداد المغنية ذات الشهرة العالمية والمعروفة بفيروز.
ووالده هو عاصي الرحباني أحد الأخوين رحباني الرواد في الموسيقى والمسرح اللبناني.
كلا الأبوين كانا مشهورين وموهوبين، ولم يظنا أبدا أن مولودهما هذا، سيتحول إلى شخصية مثيرة للجدل في عصره من خلال موسيقاه وشعره ومسرحياته
أولى أعمال زياد لم يكن عملا موسيقيا، بل كانت أعمالا شعرية بعنوان “صديقي الله” والذي كتبه بين عامي 1967 و1968.
هذه الأعمال التي كانت تنبأ بودلاة “شاعر مهم”، لولا انه اختار الموسيقى فيما بعد.
في عمر السابعة عشرة، أي في عام 1973 تحديدا، قام زياد بتقديم أول لحن لوالدته فيروز. كان والده عاصي حينها في المشفى، وقد كان مقررا لفيروز أن تلعب الدور الرئيسي في مسرحية “المحطة” للأخوين رحباني. ولهذا كتب منصور (أحد الأخوين رحباني) كلمات أغنية تعبر فيها فيروز عن غياب عاصي لتغنيها في المسرحية، وألقى بمهمة تلحينها إلى زياد. كانت تلك أغنية “سألوني الناس” والتي تقول:
سألوني الناس عنك يا حبيبي… كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا بيعز عليي غني يا حبيبي… ولأول مرة ما منكون سوا سألوني الناس عنك سألوني… قلتلن راجع أوعى تلوموني غمضت عيوني خوفي للناس… يشوفوك مخبى بعيوني وهب الهوى وبكاني الهوى… لأول مرة ما منكون سوا طل من الليل قلي ضويني… لاقاني الليل وطفى قناديلي ولا تسأليني كيف إستهديت… كان قلبي لعندك دليلي واللي إكتوى بالشوق إكتوى… لأول مرة ما منكون سوا ”
لاقت تلك الأغنية نجاحا كبيرا، ودهش الجمهور للرصانة الموسيقية لابن السابعة عشرة ذاك، وقدرته على إخراج لحن يضاهي ألحان والده، ولو انه قريب من المدرسة الرحبانية في التأليف الموسيقي.
وكان أول ظهور لزياد على المسرح في المسرحية ذاتها أي “المحطة”، حيث لعب فيها دور الشرطي. كما ظهر بعدها في “ميس الريم” بدور الشرطي أيضاً والذي يسأل فيروز عن اسمها الأول والأخير، وعن ضيعتها في حوار ملحن. وفي ذات المسرحية، قام زياد بكتابة موسيقى المقدمة، والتي أذهلت الجمهور بالرتم الموسيقي الجديد الذي يدخله هذا الشاب على مسرحيات والده وعمه.
ومن جديد طلبت إحدى الفرق المسرحية اللبنانية التي كانت تقوم بإعادة تمثيل مسرحيات الأخوين رحباني، والتي كانت تضم مادونا، المغنية الاستعراضية التي كانت تمثل دور السيدة فيروز في تلك المسرحيات، طلبت من زياد أن تقوم ولو لمرة واحدة على الأقل، بتمثيل مسرحية أصلية، بنص جديد، وأغان جديدة، وبقصة جديدة. وكان جواب زياد ايجابيا، واستلم تلك المهمة، وقام بكتابة أولى مسرحياته “سهرية”، وقد نسخت تلك المسرحية شكل مسرحيات الأخوين رحباني وتعاملت تماماً مع مقولاتها فكانت كما يصف زياد “حفلة أغاني” لا أهمية للقصة فيها بقدر ما هو مهم استمرار الأحداث كوسيلة لتمرير المقطوعات والأغاني.
بعدها توالت المسرحيات, ولكن بأسلوب مختلف جدا عن الأسلوب السابق (الرحباني) حيث اتخذت مسرحيات زياد، الشكل السياسي الواقعي جداً، الذي يمس حياة الشعب اليومية، بعد أن كانت مسرحيات الأخوين رحباني تغوص في المثالية وتبتعد قدر الإمكان عن الواقع، ويعيش فيها المشاهد خيالا آخر وعالما آخر. هذا ما لم يقبله زياد لجمهوره، وخاصة أن الحرب الأهلية كانت قد بدأت.