كتب – وسيم عفيفي
وفق تقارير إخبارية فـ “المسرح القومي” بالقاهرة هو أحد أقدم مواقع القاهرة المملوكية التى يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادى، فقد اتخذها المماليك موقعا لإقامة القصور وأماكن اللهو حول البركة التى كانت تحوطها آنذاك
بمجىء نابليون بونابرت مع الحملة الفرنسية شاهد فى الحديقة لاعبى خيال الظل المنتشرين هناك، فقرر إنشاء مسرح للترفيه عن جنوده
وبعد رحيل الحملة وتولى محمد على حكم مصر، أمر بتجفيف البركة وتحويلها إلى حديقة عامة، ثم قام الخديوى إسماعيل فى معرض نشاطه لافتتاح قناة السويس عام 1869، ببناء مبنى فى الطرف الجنوبى من الحديقة خصصه للمسرح الكوميدى الفرنسى “الكوميدى فرانسيز” بجوار مبنى الأوبرا الذى أُنشِئ فى العام ذاته، بهدف استقبال الوفود المشاركة فى احتفالاته الأسطورية بافتتاح القناة.
فيما بعد تأسس أول مسرح مصرى، حيث شهد هذا المسرح عام 1885 أول موسم مسرحى لفرقة أبو خليل القبانى بالقاهرة، كما قدمت فرقة إسكندر فرح وبطلها سلامة حجازى أشهر أعمالها من عام 1891 إلى 1905.
وكان عام 1905 هو أول موسم لفرقة الشيخ سلامة حجازى، وفيما بعد تزايدت الدعوة لإنشاء مسرح وطنى وسط مطالبات بخروج قوات الاحتلال الإنجليزى عن مصر بعد الحرب العالمية الأولى، وبالفعل يتأسس “المسرح الوطنى” عام 1921 فى مبنى “تياترو” الخديوى بحديقة الأزبكية، حيث بدأ فى عرض أربع مسرحيات يومية، وفى عام 1935 أنشئت الفرقة القومية المصرية بقيادة الشاعر خليل مطران لتقديم عروضها على خشبة المسرح الوطنى، إلا أنه تم حلها فى عام 1942 لتقديمها أعمالا ضد الاحتلال.
بلغت أزمة المسرح المصري ذروتها في الثلاثينيات حيث اضطررت معظم الفرق للتوقف عن العمل وتسريح أعضائها، بسبب الكساد الاقتصادى ومانجم عنه من خسائركبيرة منيت بهاهذه الفرق فضلاعن مواجهتها منافسة غير متكافئة مع دور اللهو والسينما.
ولمواجهة هذه الأزمة وفي ١٩٣٥صدر قرار وزير المعارف بإنشاءالفرقة القومية المصريةالتى أسندت رئاستها للشاعر خليل مطران وافتتحت هذه الفرقة نشاطها المسرحى في ديسمبر من عام ١٩٣٥، وتوالت العروض المسرحية للفرقة وفي ١٩٤١ انتقلت هذه الفرقة بعروضها إلى مسرح الأزبكية، وفي أغسطس ١٩٤٢ صدر قرار بحل الفرقة القومية وتشكيل فرقة جديدة من أعضائها، وأطلق عليها اسم «الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى وأسندت إدارتها إلى مدير عام الفنون الجميلة بوزارة المعارف «محمد بك حسن» وتم تعيين زكى طليمات مديرًا فنيًا لها.
وقدمت الفرقة في الأربعينيات أعمال جيل من المؤلفين الصاعدين آنذاك مثل عزيز أباظة ومحمود تيمور وعلى أحمد باكثير وبدءًا من عام ١٩٤٧ التحق بالفرقة خريجو معهد فنى التمثيل، الذى كان قد افتتح عام ١٩٤٤،وفي عام ١٩٥٠ شكل عميد المعهد ومدير الفرقة «زكى طليمات» من خريجى المعهد فرقة جديدة باسم المسرح الحديث، وفي الخمسينيات انضم حمدى غيث ونبيل الألفي كما أتيحت فرص إخراج أعمال مسرحية لجيل من خريجى المعهد مثل عبدالرحيم الزرقانى، ونورالدمرداش.
وبقيام ثورة 23 يوليو عام 1952 التى طردت الاستعمار، وأنهت الحكم الملكى فى البلاد، تحوَّل اسمه إلى “المسرح القومى”، وتأسست به فرقتان مسرحيتان هما “الفرقة القومية المصرية”، و”فرقة المسرح المصرى الحديث” فى وقت شهد فيه المسرح رواجا غير مسبوق، بفضل كوكبة من الكتاب المسرحيين والمبدعين الذين دشنوا مرحلة جادة وجديدة فى تاريخ المسرح المصرى، أبدعها زخم الخمسينات والحلم الثورى.
وفي عام ١٩٥٣تم دمج الفرقتين «المصرية للتمثيل والموسيقى» و«المسرح الحديث»، في فرقة واحدة تمت تسميتها «الفرقة المصرية الحديثة»، وأسندت إدراتها للفنان يوسف وهبى حتى أكتوبر عام ١٩٥٦ وتولى الفرقة أحمد حمروش فوضع خطة طموح للنهوض بالفرقة.
واهتم بشباب المـؤلفين وعرفت الفرقة آنذاك باسم فرقة المسرح القومى، ومنذ عام ١٩٥٦،تم تقديم أعمال أولئك الكتاب الشباب، ومنهم نعمان عاشور وألفريدفرج ويوسف إدريس وسعد الدين وهبة وميخائيل رومان وانطلقت صحوة مسرحية شعرية، كان فارسها عبدالرحمن الشرقاوى وتبعه صلاح عبدالصبور ونجيب سرور، وعلى أثرهما جاءت أعمال فوزى فهمى، وسمير سرحان، ويسرى الجندى وكان وزير الثقافة فاروق حسنى قد أجرى تجديدات في البنية العامة للمسرح وأعاد افتتاحه في ٢ يناير١٩٨٦.