كتب – وسيم عفيفي
وفق تقرير حضارات الأهرام فرغم أن محمد علي تنكر بعد ذلك لإرادة الشعبية، ونكل بزعماء الشعب الذين أجلسوه على دكة الحكم، واستمر يحكم مصر حتى سنة 1847، وهي حقبة زمنية طويلة نسبيًا وقد شهدت تطورًا مشهودًا في شكل وطبيعة المجتمع المصري، فقد وضعت خلالها اللبنة الأولى للدولة المصرية الحديثة، وتأسست الدواوين الحكومية التي تحولت بعد ذلك إلى وزارات الدولة المصرية، وأنشئ محمد علي جيشًا وطنيًا قويًا جعل مصر قوة مؤثرة في إقليمها، وأسس اقتصادًا حديثًا مبنيًا على قطاعي الزراعة والصناعة، وأحدث نقلة نوعية في التعليم بتأسيس المدارس الحديثة المتخصصة في الهندسة والطب وغيرها من العلوم، وأوفد بعثات علمية للغرب لتنهل من التقدم العلمي الذي حققته تلك الدول.
وفي يناير سنة 1825 صدرت اللائحة الأساسية للديوان العالي وحددت اختصاصاته بأنها «مناقشة ما يراه أو يقترحه محمد على فيما يتعلق بسياسته الداخلية»، وقد تضمنت اللائحة الأساسية كذلك مواعيد انعقاد المجلس وأسلوب العمل فيه. ثم ألف محمد علي لكل فرع من فروع الحكومة مجلسًا أو ديوانًا يختص به، فكان هناك ديوان للجهادية، وديوان للبحرية، وديوان للتجارة والشؤون الخارجية، وديوان للمدارس، وديوان للأبنية والأشغال، وكانت كلها بمثابة فروع وأقسام للديوان العام. وكلها كانت مجالس تنفيذية تتألف في الجملة من كبار الموظفين
وحتى يتم تكوين المجلس العالي ، فقد أرسل محمد علي أمراً في 13 جمادي الأولى سنة 1240 هـ الموافق 3 يناير سنة 1825 م ، إلى أعضاء المجلس بالقلعة بغرض اللائحة الأساسية على المجلس لفحصها واتخاذها دستوراً للعمل بها .
وجاء نصها بالعربية كما يلي :-
إلى حضرات رجالي ذوي الحمية أصحاب العزة الأغوات والأفندية مأموري بقاعة المجلس بالقلعة:
بما أنه من الواجب جعل ما تقتضيه مهام الحكم من مداولات المجلس المختص بنظر أمورنا ومصالحنا، خاضعاً لقاعدة ملائمة وأصول صالحة، فإنه فحوى إرادتنا المتعلقة بذلك قد أمر بتحريرها وتقريرها في شبرا، وها هي بعد تبييضها ترسل اليوم إليكم على حالتها المبينة في هذه المذكرة، فعليكم أن تقرأوها وأنتم حاضرون بأجمعكم في قاعة المجلس، حيث تمعنون النظر في مضمونها وتدققون في درك مدلولها، فإن تبين لكم سداد معناها ومغزاها فعليكم أن تتخذوها دستوراً تلتزمون العمل بموجبه والسير بمقتضاه، وإن رأيتم فيها نقصاً فتحروه وسدوه، أو زيادة فنقحوها واحذفوها، وعلى كل حال ينبغي عليكم عامة أن تهتموا بعرض النتيجة علينا وإعلامنا بما يستقر الرأي عليه.
في 13 جمادي الأولى سنة 1240