كتب – وسيم عفيفي
وفق كتاب إبراهيم باشا في سوريا ، فبعد أن استقر محمد علي في ولاية مصر، وأوقع بالمماليك فامن شر المزاحمين، ووطد أركان الأمن في البلاد، وعمل على إنماء ثروتها الزراعية والتجارية، وأحدث نهضة صناعية، وصار ذا جيش محكم التدريب يتولى إدارته أمهر القواد المعاصرين، أخذ يتأهب لغزو سوريا والاستيلاء عليها.
طموح محمد علي الى الاستيلاء على سوريا، فظهرت بوادره قبل ذلك بأكثر من عشرين سنة أي في سنة 1810 عندما ألجأ إليه يوسف باشا الكنج والي الشام فورا من وجه سليمان باشا والي صيدا.
فسعى محمد علي لدى رجال الحكومة العثمانية لإعادة يوسف باشا إلى إيالة الشام، مشترطا عليه أن يكون معينا له على مد رواق سيطرته على سوريا، غير أن رجال الآستانة لم يتلقوا طلبه بالارتياح، ومع هذا لم يقطع الرجاء من تنفيذ مأربه.
كان الاستيلاء على سوريا مشروع قديم لم يتمكن محمد علي قبلا من اتخاذ خطة حازمة لتنفيذه، لأنه من سنة 1828 ظل منشغلا بمحاربة الوهابيين ففتح السودان، فالاشتراك في محاربة ثوار اليونان، وبعد ذلك شرع في بناء أسطول جديد كان لابد منه لمعاونة الجيش البري على فتح سوريا.
ووفق المعرفة ، فما فتئت تركيا بعد هزيمتها في معركة قونية وابرامها اتفاق كوتاهية تعد المعدات وتبذل الوسائل لاسترجاع سورية واقليم ادنه الى حوزتها، فحشدت منذ سنة 1834 جيشا في سيواس تاهبا للزحف على سورية عند سنوح الفرصة، وعهدت بقيادته الى رشيد باشا قائد الجيش العثماني الذي اسر في واقعة قونيه، فاخذ يستعد للزحف آملا ان يظفر بالجيش المصري فيمحو ما لحقه من العار والهزيمة في واقعة قونية.
فتصميم تركيا على القتال واعتزامها استرجاع سورية بدا عقب هزيمتها في قونية، ولم يؤخرها عن امتشاق الحسام حتى سنة 1839 الا شعورها بانها اضعف جندا من مصر، فاخذت تتحين الفرصة المناسبة للثار. على انها ما فتئت طول هذه المدة تدس الدسائس لمصر في سورية وتحرض اهلها على الثورات وخلع ايديهم من الطاعة.
ثم توفى رشيد باشا سنة 1836، فخلفه في قيادة الجيش العثماني محمد حافظ باشا احد قواد تركيا المشهورين في ذلك العصر.
وفي خلال ذلك حدثت مفاوضات بين تركيا ومصر لتسوية الخلاف بينهما بطريقة ودية، فاوفد السلطان محمود سنة 1837 مدوبه (صارم أفندي) ليفاوض في ذلك محمد علي، لكن هذه المفاوضة اخفقت اذ لم يتفق الطرفان على شروط يقبلانها.