كتب – وسيم عفيفي
يُلاحظ في تاريخ القارة الأفريقية والمنطقة العربية، التاريخ المديد في تغير أنظمة الحق عن طريق انقلاب عسكري يجري بها ، حيث تعتبر القارة الأولى من حيث عدد الإنقلابات العسكرية التي حدثت بها والتي يفوق عددها 150 انقلابا عسكرياً ، مخلفة أكثر من 300 ألف قتيل ، و مليوني سجين و مالا يقل عن 3000 آلاف طريد بين النفي والملاحقة .
كانت حقبة الخمسينيات والستينيات في العالم العربي ساخنة ومتعددة الجوانب في الإنقلابات العسكرية ، لكن تعتبر دولة الجزائر هي الدولة التي عانت ويلات الإنقلابات العسكرية ، يليها سوريا ، لدرجة أن السخرية طالت كثرة الإنقلابات هناك بمقولة ” القائد اللي يصحى بدري يلحق يعمل انقلاب على التاني ” .
دفعت الجزائر مليون شهيد في مقاومة الإحتلال ، لكنها دفعت ضعف هذا العدد مرتين بسبب الإنقلابات العسكرية فيها ، حيث أدت حركة إنقلاب هواري بومدين ، بعد رحيله عن الدنيا والحكم إلى دخول الجزائر في حمام دم في سنوات العشرية السوداء ، والتي لا زالت تعاني من آثارها إلى اليوم .
كان بومدين أحد الحكام القليلين الذين لاقوا تأييداً شعبياً جارفاً ، وهو الحاكم الذي بنى طفرة الجزائر ، رضوا بيها ديكتاتوراً نزيهاً ، لكن بزوال حقبته عبر انتقاله للحياة ، ضاعت البلاد في ويلات الحرب الأهلية نتاج محاولات الانقلابات العسكرية والصراع بين طرف العسكريين وقوى الإسلام السياسي والذي أدى إلى إزهاق أرواح 2 مليون جزائري في 10 سنوات .
شهدت الجزائر أسرع و أهدأ انقلاب عسكري وهو انقلاب 19 يونيو سنة 1965 م بقيادة هواري بومدين على أحمد بن بلة .
لأسباب اقتصادية وسياسية فضلا عن ديكتاتورية أحمد بن بلة ، تحول انتقاد سياسة بن بلة من مجرد معارضة إلى إجماع على ضرورة الإطاحة به .
حُدِدَت ليلة 19 يونيو سنة 1965 م لعزل بن بلة ، تحكمت الدبابات في الشوارع وتمركزت الآليات العسكرية في شوارع الجزائر خلال 40 دقيقة ، ولم يتبقى سوى أن يعلم الرئيس أن الدقائق القادمة ستغير حياته ومصير دولته .
وفق ما حكاه العقيد طاهر زبيري ،
رئيس أركان الجيش الجزائري ، فقد وصل إلى فيلا جولي القابع فيها بن بلة ، ومع زبيري كل من الرائد محمد صالح يحياوي والرائد سعيد عبيد والرائد عبد الرحمن بن سالم ونحو عشرة جنود مدججين بالسلاح .
صعدوا إلى غرفة نوم الرئيس بن بلة وطرقوا بابها ، وحين رد من الطارق ، أجاب رئيس الأركان قائلاً “سي أحمد ، أنت لم تعد رئيسا للجزائر وقد تشكل مجلس الثورة، وأنت تمشي معنا الآن في أمان الله” .
بدل بن بلة ملابسه فور علمه بوقوع الإنقلاب وصحبهم إلى حيث قرروا ، تنقل بين الثكنات العسكرية ، حتى أودع في السجن ولم يخرج منه إلا سنة 1979 م .