أحمد حلمي ، شهرة اسمه الآن ليس لدوره في الحياة الوطنية بل لأن اسمه الآن اسم شارع كبير وميدان وموقف لسيارات السرفيس إلى أن حدث تشابه الأسماء بينه وبين أحد أهم رموز الكوميديا الشبابية الآن وهو الممثل أحمد حلمي .
إلا أن شخصيتنا هي الشخصية الأصلية وهي شخصية الصحفي الكبير والمناضل العظيم أحمد حلمي .
الصحفي الذي ساعد مصطفى كامل في كشف بشاعة حادثة دنشواي وأول صحفي يدعو إلى قلب نظام حكم سياسي بمصر وأول مطالب بإنشاء نقابة للزراعة ووزارة لها وأول صحفي يتم سجنه بتهمة العيب في ذات الحاكم .
ولد الصحفي أحمد حلمي عام 1875 ومات أبوه قبل ولادته بينما اهتم خاله بتربيته من أجل إدراك قطار الوظيفة الحكومية وتمكن حلمي من تثقيف نفسه بنفسه ونجح في امتحان وزارة المالية وعمل بها مؤقتًا، إلى استقال ليعود للعمل بمصلحة المساحة بعد ذلك اتجه للكتابة وكان يراسل جريدة السلام التي صدرت في الإسكندرية في مايو سنة 1898 فكان يوافيها بأخبار القصر والوزارات والمصالح .
وفي 2 يناير سنة 1900 تم إصدار جريدة اللواء للزعيم مصطفى كامل وكان أحمد حلمي بهيئة التحرير ، محرراً وأديباً وشاعراً وكان مثالاً للناشئة المصرية إلى أن صار رئيساً لتحرير اللواء ومن وظيفته طالب بإنشاء وزارة للزراعة ليأتي عام 1906 وتقع مجزرة دنشواي بالمنوفية ويسافر أحمد حلمي إلى هناك لكي ينقل صورة البشاعة الإنجليزية هناك وكتب مقاله الذي اعتمد عليها مصطفى كامل في مساعيه لعزل اللورد كرومر وخلفه جورست
وتولي جورست كان يعامل بمبدأ التفرقة فانتهج سياسة التفرقة بين المسلمين والأقباط فهاجم أقباط مصر ومنع عنهم بعض الوظائف بدعوى أن المسلمين أحق بها فما كان من أحمد حلمى إلا أن يهاجمه في جريدة اللواء وكان أهم ما قام به أحمد حلمى في ذلك الوقت هو حمل لواء الدعوة إلى توقيع آلاف العرائض إلى الخديوي عباس حلمى الثاني للمطالبة بالدستور، ووصلت حملة التوقيعات إلى خمسة وسبعين ألف توقيع
مع وفاة مصطفى كامل في فبراير 1908 ، وتدخل عائلة الزعيم مصطفى كامل في سياسة الجريدة قدم أحمد حلمي استقالته وقام بإصدار مجلة ” القطر المصري ” التي تبنت القومية المصرية وطالبت بعدم الاعتماد على دولة أجنبية ولا على نفوذ العائلة الخديوية وإنما على مصر وشعبها فقط وصدرت المجلة في صباح يوم 24 أبريل سنة 1908
أصدر أحمد حلمى العدد الأول من مجلته القطر المصري وكانت أسبوعية، وبعد ستة أشهر أصبحت جريدة يومية سياسية أدبية تجارية إسلامية واصطدم أحمد حلمي بالخديوي عباس حلمي الثاني حيث تم اتهام الخديوي بعداوته للأمة بعدم منحها مجلس نواب عندما سأل قائلاً حق مشروع تأخذ عائلة محمد على من الخزينة المصرية ثلاثمائة وخمسين ألف ليرة سنويا وأي شر دفعوه عنها أم أي خير جلبوه لها حتى يكال لهم المال جزافا؟!
تضايق الخديوي والإنجليز وتم تقديمه إلى المحاكمة بحجة تعديه حدود الأدب والواجبات الصحفية وبدأ نظر القضية أمام محكمة السيدة زينب في 5 أبريل 1909، وكان قاضى المحكمة على ماهر بك واتهمت النيابة أحمد حلمى أفندي بأنه تطاول على مسند الخديوية المصرية، وطعن فى حقوق الحضرة الخديوية، وعاب في ذات ولى الأمر وحكمت المحكمة يوم 29 أبريل من نفس العام بحبس أحمد حلمى عشرة شهور حبسا بسيطا وأمرت بتعطيل جريدته القطر المصري مدة ستة أشهر، وبإعدام كل ما ضبط وما يضبط من العدد 37 من الجريدة المذكورة، وأعفت المحكوم عليه من المصاريف وجعلت الكفالة لإيقاف التنفيذ ألف قرش وهتف آلاف من جمهور الحاضرين داخل وخارج المحكمة منددين بالحكم ومرددين بهتافات حب لأحمد حلمي
بعد انقضاء مدة الحبس وتعطيل الجريدة توالت مقالاته وفى عدد 26 نوفمبر يصدر العدد بمانشيت رئيسي هو فلتسقط حكومة الفرد ضاقت الحكومة وسلطات الاحتلال بالجريدة وصاحبها فأصدرت قرارا بإغلاقها في 22 يناير سنة 1910 وبعدها عام 1914 أصدر جريدة صحيفة الشرق لمعالجة الشئون الاجتماعية والأدبية والتاريخية والعلمية ثم أصدر جريدة الزراعة سنة 1919 التي دعت إلى إنشاء النقابات الزراعية وضرورتها
ظل حلمي يناضل ويحب حفيده صلاح جاهين حباً كبيراً وقام بسقيه من كل منابع الحرية إلى أن توفي أحمد حلمي في يناير سنة 1936 في عمارته بشبرا